التفاح هو الثمرة الوحيدة ذات الأسطورة النبيلة والماضي المقدس، وإنها كانت في نظر الإنسان دائماً الثمرة الممتازة فهي للإنسان مذاق شهي وغذاء ودواء، ومهما يكن من أمر هذه الفاكهة وأصلها فإن هناك إجماعاً كاملاً لدى الأطباء وغير الأطباء بأنها تأتي في مقدمة الفواكه المغذية والشافية في آن واحد. وحتى قيل في الأمثال (إن تفاحة واحدة يتناولها المرء على الريق لا تدع للطبيب طريقاً إليه).
ومن خصائص التفاح التي تجعله جديراً بالاعتماد عليه دوماً، إن أشجاره وهي من الفصيلة الوردية تزرع في أغلب المناطق المعتدلة والباردة، والتفاح أنواع كثيرة مختلفة الألوان والأحجام والأشكال، وتقدم ثلاث لذات للإنسان هي لذة النظر، ولذة اللمس، ولذة الذوق، والتفاحة مغلفة دائماً بقشر ملون تلويناً بديعاً، منوعاً، وبراقاً كالشمس نفسها. هي صلبة دون قسوة وعصيرها سكري تخالطه حموضة خفيفة، عطرها ناعم ومنوع فلا يمل الإنسان استنشاقه وعصيرها فريد حقاً ولذيذ للغاية. وفيه أنواع لم يتوصل العلم إلى اكتشافها بعد بدقة كاملة وتشير الدراسات التحليلية للتفاحة أنها تحتوي أكثر من 30 عنصراً كيمياوياً مختلفاً وهي العناصر التي تعطي التفاحة عطرها وطعمها الخاص الذي لا مثيل له. التفاحة ليست مجرد لذة للإنسان.. فسكرها وفيتاميناتها وأملاحها التي تحتويها، كل ذلك يجعل منها غذاءاً ممتازاً، ولكنه يفتقر مع ذلك إلى البروتين والدهن. إن عصير التفاح يحتوي على 10% سكر منها 9% سكر بسيط وحيد يوجد بشكل كلكوز وسكر الفاكهة وهذان السكران أبسط أنواع السكريات لذا فإن الجسم لا يحتاج إلى جهد لهضمها وامتصاصها وتمثيلها. لذلك السبب كانت التفاحة غذاء يبعث النشاط ويساعد على العمل العضلي أثناء الهضم. إضافة إلى ذلك فإن التفاحة تحتوي على فيتامين C، كما تحتوي على كمية عالية من فيتامين (ب) المركب المفيد لعمل الجهاز الهضمي. ولتلك الأسباب نجد إن عصير التفاح وعصير بعض الفواكه الأخرى قد احتل مكانة مرموقة كشراب وهذه البادرة لها دلائل اجتماعية مهمة فهي محاولة للتخلص من المشروبات الروحية كالخمور والبيرة والاستعاضة عنها بشراب خال من الكحول كعصير الفاكهة والتفاح ومن هنا نفهم الأهمية الطبية والصحية والاجتماعية لعصير الفاكهة وبشكل خاص التفاح.
ومن الفوائد الطبية والعلاجية للتفاح أنه يساعد الهضم بكثرة اللعاب، فإذا مضغت جيداً فهي تقاوم الغازات والإمساك بفضل الكميات الكبيرة من البكتين التي تحتوي عليها، وللقشرة فوائد كثيرة لأنها مدرر للبول، ونقيع التفاح شراب لذيذ الطعم جداً، ودسم ومفيد للغاية في الأمراض الحادة والالتهابية.
فهو يخفف من ألام الحمى وينفع العطش ويقلل من التألم وله مفعول مفيد في الكبد والكلى والمثانة بحيث يسهل عمل هذه الأعضاء جميعاً، وهو يستعمل كثيراً ضد التهابات الأمعاء بغليه لمدة عشر دقائق، وللتفاح فوائد للصدر فهو يهدئ السعال ويسهل إفراز البلغم. إن القيمة العلاجية لعصير التفاح تكون كبيرة جداً في أمراض الحميات وفي الحالات التي تستدعي تدخلاً جراحياً وهو مفيد قبل التدخل الجراحي أو بعده، وكذلك في حالة التهاب الأعصاب الحاد أو المزمن، والوهن القلبي وأمراض الكبد، وعصير التفاح له فوائد كثيرة في صيانة الأوعية الدموية فهو يقلل من سرعة عطبها بينما يزيد من نشاط القلب، والتفاح يستخدم اليوم ضد نخر الأسنان وهو مرض أكثر الشعوب حضارة والذي يبدو أنه يتسبب عن السكر الذي يتخمر تحت تأثير بعض الجراثيم التي تعشش عادة في تجويف الفم، ويحتل التفاح بفضائله الشفائية مرتبة الصدارة في أمراض الأطفال ولاسيما تلك التي تصيب الجهاز الهضمي، ويلعب السليلوز دوراً مهماً وحامض التفاح ومفعوله المضاد للالتهابات إذ يعدل النسبة الجرثومية في الأمعاء وهكذا نجد أن الفعاليات الشفائية في التفاح هي السليلوز والبكتين وحامض التفاح. وللتفاح دور مهم في معالجة أمراض الكبد والأمعاء والطرق والقصبات، كما يعد من أفضل الفواكه في معالجة الحميات ومعالجة الإسهالات والزحار وفي شفاء الجروح والحروق وعلاج آلام العيون على شكل كمادات معدة في مسحوق التفاح مع حليب الأم تطبق على العين المصابة بالرمد واستعمال عصارة التفاح المطبوخ في معالجة النقوس والروماتزم وكما استعملت عصارته المسحوقة غير المطبوخة في معالجة الصرع ومعالجة الجروح النتنة ونظراً لاحتوائه على الألياف فإنه يساعد الأمعاء في حركتها الاستدارية ويمنع حدوث الإمساك ويقضي على القبض المزمن ولا حاجة لما يدعيه البعض من أن التفاح ثقيل الهضم عسير على المعدة أو إنه يثير حرقتها إذا كانت أغشيتها ملتهبة، فإن المضغ الجيد كفيل باتقاء جميع المحاذير وبإتاحة الفرصة للجسم لكي يفيد من هذه الفاكهة الثمينة أحسن فائدة. وتفيد الدراسات أن المناطق التي تكثر فيها زراعة التفاح قد نجا أهلها من الإصابة بالحصيات الكلوية أو البولية نظراً لخاصية التفاح كمذيب للحصى ومانع لتكوين الرمل المسكوب.
ويكون التفاح مصدراً للطاقة ومدرراً للبول وملينا وينشط الدورة الدموية، وإنعاش القلب وواقياً من الذبحة الصدرية ويفيد في شفاء أصابع القدمين المحتقنة والموجعة من البرد في الشتاء كما يفيد في معالجة بعض الأمراض والوقاية من بعضها الآخر حتى يكاد يكون صيدلية كاملة قائمة بذاتها.